أختلفت الأحكام حول أحقية المطلقة خلعا في الحصول على أجر حضانة وعمدت كثير من المحاكم الشرعية إلى عدم القضاء بأجر حضانة للمختلعة وذلك بالمخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية والمذهب الحنفي
وكذلك بالمخالفة للمذكرة الإيصاحية للقانون رقم 1 لسنة 2000
أولا : المذكرة الإيضاحية وأجر الحضانة للمطلقة خلعا
نصت المادة 20 من القانون 1 لسنة 2000 الصادر في شأن تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية على أن:
للزوجين أن يتراضيا فيما بينهما على الخلع ، فان لم يتراضيا عليه وأقامت الزوجة دعواها بطلبه وافتدت نفسها وخالعت زوجها بالتنازل عن جميع حقوقها المالية الشرعية وردت عليه الصداق الذي دفعه لها حكمت المحكمة بتطليقها عليه.
ولا تحكم المحكمة بالتطليق للخلع إلا بعد محاولة الإصلاح بين الزوجين، وندبها لحكمين لموالاة مساعى الصلح بينهما خلال مدة لا تجاوز ثلاثة أشهر، وعلى الوجه المبين بالفقرة الثانية من المادة 18 والفقرتين الأولى والثانية من المادة 19 من هذا القانون، وبعد أن تقرر الزوجة صراحة أنها تبغض الحياة الزوجية بينهما وتخشى ألا تقيم حدود الله بسبب هذا البغض.
ولا يصح ان يكون مقابل الخلع إسقاط حضانة الصغار أو أي حق من حقوقهم.
ويقع بالخلع فى جميع الأحوال طلاق بائن.
ويكون الحكم- فى جميع الأحوال- غير قابل للطعن عليه بأى طريق من طرق الطعن.
وجاء في المذكرة الإيضاحية :
(واستطردت المذكرة الإيضاحية بقولها: "وتنازل الزوجة للخلع يكون عن جميع حقوقها المالية الشرعية، وتشمل مؤخر صداقها ونفقة العدة والمتعة، ولكن التنازل لا يشمل حقوق صغارها من حضانة أو نفقة أو رؤية أو غيرها لأنها ليست حقوقاً خاصة بها تملك التنازل عنها فإن اشترط للخلع إسقاط شئ من هذه الحقوق صح الخلع وبطل الشرط ))
أجر الحضانة للمطلقة خلعا في المذهب الحنفي :
تستحق المطلقة خلعا في أرجح الأحوال في المذهب الحنفي الحصول على أجر حضانة
جاء في كتاب بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني الحنفي :
بَيَانُ قَدْرِ مَا يَحِلُّ لِلزَّوْجِ مِنْ أَخْذِ الْعِوَضِ وَمَا لَا يَحِلُّ
فَجُمْلَةُ الْكَلَامِ فِيهِ أَنَّ النُّشُوزَ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ كَانَ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ وَإِمَّا إنْ كَانَ مِنْ قِبَلِ الْمَرْأَةِ فَإِنْ كَانَ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ الْعِوَضِ عَلَى الْمُخْلِعِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} [النساء: 20] نَهَى عَنْ أَخْذِ شَيْءٍ مِمَّا آتَاهَا مِنْ الْمَهْرِ وَأَكَّدَ النَّهْيَ بِقَوْلِهِ: {أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [النساء: 20] ، وَقَوْلُهُ: {وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} [النساء: 19] أَيْ: لَا تُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ {إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [النساء: 19] أَيْ: إلَّا أَنْ يَنْشُزْنَ؛ نَهَى الْأَزْوَاجَ عَنْ أَخْذِ شَيْءٍ مِمَّا أَعْطَوْهُنَّ وَاسْتَثْنَى حَالَ نُشُوزِهِنَّ.
وَحُكْمُ الْمُسْتَثْنَى يُخَالِفُ حُكْمَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فَيَقْتَضِي حُرْمَةَ أَخْذِ شَيْءٍ مِمَّا أَعْطَوْهُنَّ عِنْدَ عَدَمِ النُّشُوزِ مِنْهُنَّ، وَهَذَا فِي حُكْمِ الدِّيَانَةِ، فَإِنْ أَخْذَ جَازَ ذَلِكَ فِي الْحُكْمِ وَلَزِمَ حَتَّى لَا يَمْلِكَ اسْتِرْدَادَهُ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ أَسْقَطَ مِلْكَهُ عَنْهَا بِعِوَضٍ رَضِيَتْ بِهِ، وَالزَّوْجُ مِنْ أَهْلِ الْإِسْقَاطِ.
وَالْمَرْأَةُ مِنْ أَهْلِ الْمُعَاوَضَةِ وَالرِّضَا فَيَجُوزُ فِي الْحُكْمِ وَالْقَضَاءِ، وَإِنْ كَانَ النُّشُوزُ مِنْ قِبَلِهَا فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا شَيْئًا قَدْرَ الْمَهْرِ
وقال :
(( نَهَى عَنْ أَخْذِ شَيْءٍ مِمَّا أَعْطَاهَا مِنْ الْمَهْرِ وَاسْتَثْنَى الْقَدْرَ الَّذِي أَعْطَاهَا مِنْ الْمَهْرِ عِنْدَ خَوْفِهِمَا تَرْكَ إقَامَةِ حُدُودِ اللَّهِ عَلَى مَا نَذْكُرُ، وَالنَّهْيُ عَنْ أَخْذِ شَيْءٍ مِنْ الْمَهْرِ نَهْيٌ عَنْ أَخْذِ الزِّيَادَةِ عَلَى الْمَهْرِ مِنْ طَرِيقِ الْأَوْلَى كَالنَّهْيِ عَنْ التَّأْفِيفِ أَنَّهُ يَكُونُ نَهْيًا عَنْ الضَّرْبِ - الَّذِي هُوَ فَوْقَهُ - بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى.
وَرُوِيَ أَنَّ «رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا قَالَ لِامْرَأَةِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ: أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ وَزِيَادَةً قَالَ: أَمَّا الزِّيَادَةُ فَلَا» نَهَى عَنْ الزِّيَادَةِ مَعَ كَوْنِ النُّشُوزِ مِنْ قِبَلِهَا وَبِهِ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ {فِيمَا افْتَدَتْ} [البقرة: 229] قَدْرُ الْمَهْرِ لَا الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ عَامًّا عَرَفْنَا بِبَيَانِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي هُوَ وَحْيٌ غَيْرُ مَتْلُوٍّ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْله تَعَالَى: فِي صَدْرِ الْآيَةِ {وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا} [البقرة: 229] ذَكَرَ فِي أَوَّلِ الْآيَةِ مَا آتَاهَا فَكَانَ الْمَذْكُورُ فِي آخِرِهَا - وَهُوَ قَوْلُهُ: {فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229]- مَرْدُودًا إلَى أَوَّلِهَا فَكَانَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ {فِيمَا افْتَدَتْ} [البقرة: 229] أَيْ: بِمَا آتَاهَا وَنَحْنُ بِهِ نَقُولُ: إنَّهُ يَحِلُّ لَهُ قَدْرُ مَا آتَاهَا. )
البدائع الجزء 3 ص 150
وقال في حكم الخلع ص 151 :
(( وَأَمَّا إنْ كَانَ بِبَدَلٍ فَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ بَدَلٍ بِأَنْ قَالَ: خَالَعْتكِ، وَنَوَى الطَّلَاقَ فَحُكْمُهُ أَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ، وَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الْمَهْرِ، وَإِنْ كَانَ بِبَدَلٍ فَإِنْ كَانَ الْبَدَلُ هُوَ الْمَهْرُ بِأَنْ خَلَعَهَا عَلَى الْمَهْرِ فَحُكْمُهُ أَنَّ الْمَهْرَ إنْ كَانَ غَيْرَ مَقْبُوضٍ أَنَّهُ يَسْقُطُ الْمَهْرُ عَنْ الزَّوْجِ، وَتَسْقُطُ عَنْهُ النَّفَقَةُ الْمَاضِيَةُ، وَإِنْ كَانَ مَقْبُوضًا فَعَلَيْهَا أَنْ تَرُدَّهُ عَلَى الزَّوْجِ، وَإِنْ كَانَ الْبَدَلُ مَالًا آخَرَ سِوَى الْمَهْرِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ سُقُوطِ كُلِّ حُكْمٍ، وَجَبَ بِالنِّكَاحِ قَبْلَ الْخُلْعِ مِنْ الْمَهْرِ، وَالنَّفَقَةِ الْمَاضِيَةِ، وَوُجُوبِ الْبَدَلِ حَتَّى لَوْ خَلَعَهَا عَلَى عَبْدٍ أَوْ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا آخَرَ فَلَهُ ذَلِكَ ثُمَّ إنْ كَانَ لَمْ يُعْطِهَا الْمَهْرَ بَرِئَ، وَلَمْ يَكُنْ لَهَا عَلَيْهِ شَيْءٌ سَوَاءٌ كَانَ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا أَوْ كَانَ قَدْ دَخَلَ بِهَا، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَعْطَاهَا الْمَهْرَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ سَوَاءٌ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا أَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا، وَكَذَلِكَ إذَا بَارَأَهَا عَلَى عَبْدٍ أَوْ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ فَهُوَ مِثْلُ الْخُلْعِ فِي جَمِيعِ مَا وَصَفْنَا، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ فِي الْمُبَارَأَةِ مِثْلَ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَقَالَ فِي الْخُلْعِ إنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِهِ إلَّا مَا سَمَّيَا)) أ. هـ
فالثابت في الفقه الحنفي :
أن بدل الخلع هو المسمى بينهما فإن سميا المهر سقط وسقط مع النفقة الماضية
وإن سميا شيء غير المهر سقط كأي حكم وجب بالنكاح قبل الخلع من المهر والنفقة الماضية
وعلى ذلك يكون الراجع في فقه الاحناف هو سقوط المهر المسمى والنفقة الماضية فقط التي وجبت قبل الخلع
أما ما وجب بعد الخلع فتستحق عليه أجر
يقول الدكتور وهبة الزحيلي في كتابه "الفقة الإسلامي وأدلته"
(( إن كانت الزوجة كارهة زوجها لقبح منظر أو سوء عشرة، وخافت ألا تؤدي حقه، جاز للزوج مخالعتها وأخذ عوض في نظير طلاقها، لكن يكره عند الحنفية أن يأخذ منها أكثر مما أعطاها، لقصة امرأة ثابت بن قيس المتقدمة: «قال النبي صلّى الله عليه وسلم: أتردين إليه حديقته؟ فقالت: نعم وزيادة، فقال صلّى الله عليه وسلم: أما الزيادة فلا» (2). وهذا قول عطاء وطاوس والزهري وعمرو بن شعيب.
وأجاز الجمهور أن يأخذ منها أكثر مما أعطاها ما دام النشوز من جهتها، لكن لا يستحب له ذلك)
حق الحضانة وأجر الحضانة :
الحضانة حق للمحضون وأجر الحضانة يستحق في ذمة المحضون إن كان له مال فإن لم يكن له مال وكانت نفقته على أبيه فإن أجر الحضانة يلحق به ويكون ملزما بدفعه عن المحضون
فأجر الحضانة هو المبلغ النقدي الذي تستحقه الحاضنة نظير خدمة المحضون
وهو حق للصغير في مال أبيه وليس حق للحضانة إلا مقابل خدمتها للمحضون
والحاضنة ليس شرطا أن تكون الأم (المختلعة) ولها التنازل عن حضانتهم
ولا يقول عاقل أن للزوج المختلع أن يجبر مطلقته خلعا على حضانة صغاره بإعتبار أنها تنازلت عن الأجر بالخلع
ومن ثم فهي حق ممنوح له يجيز له أن يطالبها به وإلا كان الخلع باطلا !!
لم يقل عاقل بذلك ولكن المحاكم الشرعية للأسف عميت بصيرتها عن رؤية الحق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق